الاثنين، 19 مارس 2012

مسلسل الحياة - تمثيل: جندي مجهول ( الجزء الخامس عشر )

لم تعودي كما كنتي، ولنقل لم تكوني كما أرغب، لكن لا بأس بأن تكوني كما ترغبين. إن الحياة هنا صعبه، أشتاق إليكِ حتى تتسرب دموعي بين خيوط وسادتي وتبدأ عيناي الناعستان بانتفاخ تدريجي وتتلون بلونكِ المفضل [ أحمر ] ويصبح الإيقاع حزينا مع سماع شهقاتي المختبئه تحت شرشفي. كنتِ مختلفةً هناك.. وكأن أرض الوطن يحرّم كُلّ حرام حُلّل في " دبي " !. لتُمثّلي أنتِ دبي وسأكون أحدَ سُكانك، لنلعب هذه اللعبة من أجل ما بيننا، وليكن ما بيننا ملكة وشعبها، والشعب ليس سواي يدافع عن وطنه بنظراتِ ذئبٍ لا يملك سواها، يكشف عن أنيابه المُسنّنه مُتأهبا لهجوم يعلم بأنه الخاسر الوحيد في هذه المعركه.


استعادت رزان ابتسامتها بعد أن اعتقدَ كُلاً منهما بأنه استطاع تلقين الآخر درسا لن ينساه. تمددت على سرير الغرام، وفي الفراغ كانت تُؤرجح قدماها العاريتان، كان ذلك رائعا مع سماع صوت وليد وهو يغني " ما تطلبه رزان ". قبل أن تنهي المكالمه طلبت منه ألاّ يتكرر ما حدث، كان يصغي لِما تقول دون أن يقاطع - أراد ذلك - لكن عودتها لم يمضي منها سوى ساعات، وليكن اليوم يومها .


ترفضين مقارنة الرجل بالمرأة، وتسألينني كلما أخطأت " يرضيك لو أنا سويت زيك ؟ " تنظرين لكل شيء ولآ أنظر إلاّ إليك، تعبثين بممتلكاتي حين تبتسمُ شفتيك لغريبٍ يشبه " تشافي " لآعب الدوري الاسباني، لطالما كانوا محط النظر أولئك الرياضيين أصحاب العقول الصغيره وأجسام ضخمه، تتخيلين أنه لو أمكنك لمسها لاستطعتي رسم كل جزء من جسمه.. ما عليك سوى أن تتبعي تلك الخطوط التي رُسِمَت بعنايه على جسد كل منهم. تستخدمين براءة طفله لتفترسي الذئاب.. مُعجبٌ بذكائك !


في تلك الليله خرجت رزان وأمها وتركوا الصغار في البيت مع " حبيبه " الخادمه الأندينوسيه التي أصبحت جزءً من العائلة ومربية الصغار التي لا ترفض لأحدهم طلباً إلاّ في حال تعكر مزاجها أو كان يوم مرض النساء. الكل يحبها، وهي تحبهم.. وإن كان هذا واجبها، فهي تُحسن ذلك. معظم وقت رزان تقضيه في النوم، وحين لا تكون كذلك، تحب أن " تدردش " مع حبيبه في أي شيء تريده، أخبرتها حبيبه ذات يوم أنها حين كانت تعمل لدى عائلة أخرى، كانت هناك فتاة تكبر رزان، لكنها لا تشبهها في شيء، كانت تلك الفتاة تضع في جيب حبيبه خمسين ريال مقابل كتمانها للسر. في كل ليلة بعد منتصف الليل، كانت تفتح الباب لشاب نحيل تميزه بسكسوكته المرسومه. يذهبان لغرفتها ثم لا تسمع سوى ضحكات متقطعه. لم تكن حبيبه على استعداد بأن تتلقى توبيخاً أو أيّ " لكمات " في حال كُشف أمرهما، لذا كانت تصعد إلى سطح المنزل حيث غرفتها المطلة على السخان وبقايا إسمنت متناثره على أرضية السطح وأسلاك متشابكه. كانت رزان تستمتع بتلك المواضيع الشاذه مع حبيبه التي تخجل أن تسمعها من غيرها، فهي لا تزال فتاة السابعة عشر !


أرادت رزان رؤية وليد، أخبرته أنها هي وأمها في رياض جاليري، وإذا كان بإمكانه الدخول فسيكون ذلك رائعاً. كم كان هذا ممتعا بالنسبة له، مراوغة حراس الأمن ومن ثم رؤية ذاك الغزال الصغير الذي تعلم القفز قبل أن يمشي، حشر وليد نفسه مع عائلة "هنديه " بينما كانوا يمشون متجهين لبوابة " دبنهامز " آملاً أن يمنحه لونه الحنطي الجنسية الهندية بضع ثوان. كان يتأمل وليد إحدى "البوكسرات " التي تباع لدى دبنهامز قبل أن تتصل رزان لتسأل عن مكانه، أخبرها أنه هنا ليلتقي بفتاة مع أمها وتفاجأ بأن السوق يحمل الكثير منهُن ! " يا ترى اختار وحده منهم، والا رزان بتجي تخطفني منهم ؟ " يحب الرجال تلك الاسئله الاستفزازيه، تدغدغ مشاعرهم غيرة الفتيات حين يقُلن " لآ ياشيخ ؟ إحلف بس " .




لم تكن عابره تلك اللحظات، كنتِ تضحكين ولم تكوني تبتسمين، الابتسامة قد تكذب، لكن الضحك وإن كذب.. فهو يملك صوتاً آخر يخبر به من يسمعه بأنه يكذب. أتعلمين.. حتى الأعيُن التي قالوا بأنها لا تكذب، في الحقيقة هيَ تكذب. أتذكر في صغري، عند السادسة صباحاً، حين شعرت بأمي وهي توقظني.. إدعيت بأنني مريض لتمنحني أمي بطاقة المرور لأتجاوز صباح يومٍ دراسي لآ أجد فيه سوى توبيخ أساتذتي، حينها فضّلت الذهاب إلى " مستوصف ركن العلاج " القريب من بيتنا على عدم الذهاب لعالم الأطفال المسيّرين. شعرت بيد أمي الدافئه على جبيني، وبدأت بتحصين طفلها.. ثم ذهبت مسرعه لتعصر له " ليمون أصفر ". ذاك الصباح، كذَبَت عيناي على أمي .


كما هي عادة حنان [ أم رزان ] صاحبة الخطوات السريعه والجسد الرياضي، لم تسأل عن سبب اختفاء ابنتها، قد تكون مُتعبه كعادتها وقد تكون في إحدى المحلات أو لآ يهم أين تكون، المهم أن تأتي في حال طلبَت منها ذلك. كانت حنان - بقوامها الممتلئ وقد ملء أعيُن المارّه، وبكعبها العالي الذي يصدح وينادي البعيد والقريب، وعباءتها التي تكفلت برسم أبرز الأماكن لديها - تصنع لنفسها جيشاً من أصحاب الكرش لتجعل منهم عرشاً تتكئ عليه ثم تطلب من هذا وذاك ما تشاء. لم يُعد البكاء عل يوسف [ زوجها الأول ] يُجدي، فمن كان ذات يوم متعاطفاً يرتدي ثوب الطهاره، أصبح متوحشا يطمع ما تبقى من علاقة لآ أمل لها بالرجوع. إستنزفت كل ما تبقى من حُب، وبعد أن خاب ظنها بالبكاء ألقت بنفسها بين ذراعي زوج آخر أغرقها بالوعود، لكنها أخطأت حين أغرقته بأنوثتها قبل أن يوفي بوعد من وعوده !.



ستقرئين ما أكتب بعد أن تصحو عيناك، بعد أن تستقبلي صوت منبهك بوجه عبوس، بعد أن تستنشقي أجواء " دواميه "، كم هي غبيه. ستقرئين دلالك بين السطور، وتلتقطين إحدى خصلات شعرك على طرف إحدى الحروف. بعدها تبدئين بالتفكير " أكلمه وأدعي بأن سبب مكالمتي له.. كان للاطمئنان، أم أخبره أن كلماته هي من نادتني ؟ " أذكّرك حبيبتي.. كبرياؤك الذي زرعته يداي بعنايه، لن تتطرق لأي كلمة كُتبت هنا، كبرياء ليس أنثوي.. كبرياء " روحين " اجتمعا ليُقيمَ حبّهما بين شبكات الاتصالات متربعاً يندب حظه. ستقرئين كلامي على عُجاله.. ستراجعينه بين الزحام متجة إلى " سنة الحياة ". ستبتسمين ربما ..