اليوم: الثلاثاء
التاريخ: 24 / 4 / 32 هـ
الساعة: 12:45 م
في صباح ذلك اليوم الممل، في مكالمة هاتفية أخيره، أعلنت لهُ عن رحيلهآ وأن كلّ شيء إنتهى، لاحظت الهدوء " الغير " معتاد منه !
بعد لحظة صمت طويله، ولكي لا تتوتر الأجواء أكثر.. قالت: " أوكيه حبيبي نتكلم بالبيت إذآ رجعت، أوكيه ؟ "
لحظة قصيرة أسمعها صوت العلكه وهو يمضغهآ ليُشعِرها بعدم الاكتراث لمَا تقول، وبعد أن تأكد من سماعها تلك النغمة " مممم.. طيب أنا مشغول الحين، باي "
عادَ متأخراً ذلك المساء، رآها تحزِمُ امتعتها بعد أن أعدّت له العشاء المعتاد الذي يفضله، باشر التلفاز وكأنه لمْ يرى شيئا !
أخذ يقلّب القنوات، فهو ليس من المعجبين بالدراما ويرى بأن هناك ما هو أهم من هذه " التفاهات ".. لِترتَقِ بتفكيرها قليلاً، تقول الوداع !! هههه يا لسذاجتها. [ على الأقل هذا ما يراهُ لمَا يحدث في ذلك اليوم ]
ركنت حقيبتها بالقُرب من الباب، اقتربت منه وقبلته والدموعُ تَخطّ خدّيها: " حبيبي أنا رايحه خلآص "
با لروعة هذا الممُثل، حتى أن عيناه لا تزالآن معلّقة على شاشة التلفاز ولم تنظر إليها ! اقتربت منه أكثر وطلبت منه أن يزيح لها ..
جلست بجانبه.. أزاح لها أكثر وتسنّى لها أن تتكور، رفعت يده اليمنى عن فخذه حتى تحجز لرأسها مقعدا على صدره، كان لها ما تريد، ابتسمت لهُ وهي تتأمل عيناه محاولةً ترجمة شعوره، لكن عيناه كانت تعكس برنامج " خط الستة " .
وضعت رأسها على صدره وأخذت تمشي بأصبعِها على فخذه، تدور بها يمنة ويسره، كتبت على فخذه: " حزينة جداً "
رفعت يَدَه مرة أخرى، وضعتها على شعرها كمَا اعتادت وكما كانت تُحب، مسح على شعرها وهو يصارع عاطفته.. لمَ لآ ؟ وما يحدث من حوله مجرّد " تفاهات ".. أتعجّبُ من قوّته.. نحنُ نتحدث عن بطل !
حاولت هي الأخرى مصارعة دموعها، لكنها تسربت من حيث لا تعلم.. تداركت الموقف ومسحت بيديها الدموع على دفعتين بعد ان استنشقت كمية كبيرة من الأوكسجين لترتب وضعيتها أزاحت يده بهدوء ونظرت إلى عينيه ويديها ممُسكةٌ بوجهه، لم تدع لهُ مجال ليشاهد البرنامج.. أخيراً تلاقت الأعين، أغرورقت عيناها.. من سيبدأ؟! يالها من لحظه.. الكل يبكي، الفرق هو في كيفية البكاء !
طوّقته بذراعيها واحتضنته بكامل قواها البدنيه والعاطفية، قبلته مرةً أخيره .
وضعت نُسخ المفاتيح التي كانت ( تستخدمها في حال غيابه لتفاجأه بقدومها )، تلك الليالي التي فاجأته.. كانت تختبئ خلفَ الباب لحظة سماعها صوت المفاتيح قبل ولوجهآ القُفل . ومرةً كانت تحت اللحاف، ما أجمل تلك الليالِ .
والآن.. تجرّ الخُطى نحو الباب، هذه المرة لن تلتفت.. فقد اكتفت ! كانت لخطواتها ألحآنٌ مؤلمه تنغز بها قلبهُ.. حتى بدأت تتلاشى.. ها هو اللحن الأخير.. " صوت الباب " .
أقفلت الباب..
وانفجر يبكي..
يبكي على حظّه.. يبكي على حُبّه.. يبكي على " قوّته " ولسانُ حاله يقول: من سيُفاجؤني هذه الليلة ؟
***
ما أجمل الكلمات حين تدغدغ مشاعرنا، نحتاجها كل يوم من كلّ شخص ..
كبيرا كان أو صغير، نساءاً أو رجال.. حينَ يعجبك أو لآ يعجبك..
لا تطلق لسانك في غيابه، أخبره بما تشعر تجاهه.. أخبره بأن حركته تلك في ذلك اليوم قد أحرجتك، وأنك لا تزال تشعر بالإهانة
أخبر ابنك بأنك تفخر به ولأنه يحمل اسمك.. اخبر أختك عن مدى جمالها وقبّلها كل يوم لتشعر بأن أخاها يختلف عن الجميع.. أخبر زوجتك كم هي عظيمة وأنها أعظم هديه ... أخبر أمك بأنك عاجز عن قولِ كلمة توفي حقها.. واطلبها أن تقرأ ما تحت السطور لتجد ما يخبؤه قلبك لها.. [ أخبرهم ليُخبروك ]