الاثنين، 10 أكتوبر 2011

بعض الأحلام رائعة فقط في الأحلام



13 / 11 / 32
11 / 10 / 11
الثلاثاء

الساعة 4:54 am


,


في صغري كان يسألني والدي مبتسماً عن موهبتي بينما كنتُ في منتصف معركة الأقلام ألعب. وبعد أن أعاد سؤاله قلت " ايش يعني موهبه ؟ " أجابني بكلمات يتقبلها عقلُ طفل " يعني شي تحبه وتعرف تسويه مره ؟ " وما إن أنهى سؤاله حتى بدأت بسرد كُل ما أفعله وكل ما أريد فعله ولآ يهم أن كنتُ لا اتقنه.. وبدأتها بقيادة السياره - تابعتني ضحكة والدي - كان حلم الطفولة بلا منازع !


بعد مرور خمسة أعوام وبعد أن أصبحتُ في الصف الرابع، تغير كلّ شيء.. ما عدى الأقلام، فقد كانت لعبتي المفضله، إذ أبني البيوت وأصنع منها أعظم الشخصيات واستخدمهآ كأسلحه، لكني أتعمد عدم إحضارها إلى قاعة الاختبارات.. فهي لا تنصاع لرغباتي حينها، أو أنها تشبهني إلى حد مآ في النوم - فكلانا يحب النوم في الصباح الباكر - تصحو بضع ثوانٍ لتكتب إسمي، وتستمتع برسم العين والأنف.. وباقي الهيكل لا تتقنه جيدا .
عدت ذات يوم إلى المنزل وكان الغداء بانتظارنا نحنُ شباب المستقبل، وكالعادة.. قبل دخول قدمي اليمنى إلى المنزل لا بد من موّال يتبعه غناء خليجي معاصر.. وكأنني احتفل بقدومي إلى المنزل والانتهاء من عناء دام لساعات وهو أشبه بيوم استحلّوه أولئك المتسلطون الذين يدعون بأنهم آباؤنا وأنّ هذا هو بيتنا الثاني. لا أعلمُ لمَ هذه الكراهية بين الطالب ومُعلّمه.. على الرغم من أنّ هناك معلمون أرغب أحيانا بالتقدم خطوة لإخباره كم هو رائع وأنني أرغب بأن يكون معلما لجميع المواد التي أدرسها .
ذهبتُ مسرعاً إلى أمّي وهي تُملئ الباميه باللحم المفروم - يعجبني آدآؤها، لكنني لست من معجبي الباميه - وأخبرتها أنني سأصبح فناناً [ مغني ] وتلكَ هي موهبتي. سكتنا لوهلة لكنّ يداها لم تكف عن السكوت بل أصبحت تحركاتها أسرع وبدأ اللحم يتساقط، كررت لها ما قلت لكنها طلبت مني أن أغير ملابسي وألاّ أتأخر عن الغداء - ويا فرحه ما تمت - وقبل أن أصعد سألتني " وين بوسة ماما " قبلتُ رأسها وصعدت حاملاً موهبتي لنغير سوياً ما لبسناه .

أصبحتُ في المرحلة الثانويه، وتحقق حلمُ الطفوله.. الآن أملك سيارة تنقلني حيث شئت - كم تمنيت أن تمنعني من الذهاب إلى المدرسه، تماما كما كآنت أقلامي - وبعدَ أن كان الغناء موهبة، أصبحت الآن هواية.. ولم أكُفّ يوماً عن تلحين أيّ شيء أقرأه أو أسمعه، حتى جعلت من اسمي " بيت شعر" .
في منتصف الفصل الدراسي الأول من السنة الثانيه بالمرحلة الثانويه، اسلتمتُ جائزة أفضل مهاجم في المدرسه ..
سعدتُ كثيراً بذلك القرار الذي أتى في وقت فسحتنا وهو الوقت الذي يسمح لنا فيه بالافطار، طلبت من صديقي أن يمسك " بصامولي الجبن " وأنا سأذهب لأمسك بجائزتي .
عدتُ إلى المنزل بموهبة جديده من الصعب نُكرانها. فور وصولي طلبتُ موافقة والدي على الانضمام إلى أحد الأندية الرياضيه وأخبرته بأن تلك هي موهبتي لا محآله، لكنه وصفها بالهواية كما وصفتُ الغنآء ذات يوم .
شعرتُ بأنها النهايه ولابد من فعل شيء.. لا شيء أبدع فيه أكثر من الغناء ولعب كرة القدم !.


بعد أن تخرجت من الثانويه، كان يصعب رؤية أهدافي، وأجهل ماهية رغباتي، ولا أرغب بالكلام !
في تلك اللحظة اتصل بي والدي وسألني ما إذا كنت أرغب بالانضمام إلى نادي محدد ؟ ضحكت ساخراً ظنّاً مني بأنه يسخر من " موهبتي " .
لكنه لم يكن يطلق النكات ولم يكن في حال يسمح له بذلك، بل كان يعني كل كلمة يقولها، وأخبرني بأنه سيجري بعض الاتصالات مع أحد المسؤولين في النادي الذي أرغب باللعب معه ..
أخبرته بأنّه لن يندم.. وكان يعلم ذلك،  فالآبآء لا يقدمون على شيء يمس مصلحة أبنائهم إلاّ بعد إجرآء دراسات و وضع خطط عشرينيه .

بعد مُضي خمسة أشهر في النادي، لم استطع الصمود أكثر وكان الأمر أصعب مما توقعت.. فالحقيقة ليس بالأمر الممتع كما تصورت !
أعلنتُ استسلامي، فالموافقة بين الدراسة وكرة القدم.. شيء مضحك! وبهذا تفرق بينَ الموهبة والهواية والعمل .
لنعلم أن لحظة ولادتنا، وُلِدت في أعماقنا رزمة مواهب متشعبه، تنام في أعماقنآ وكأننا نخاف عليهآ من التعب.. نجهل كيفيّة إيقاظهآ، وإن استيقظت نجهل كيفية التعامل معها .


هناك 6 تعليقات:

  1. سرّتني تصنيفه " مقالاتي " =)

    المقال جميل جداً , طرح مميز

    كيب قوينق

    ردحذف
  2. والله كويس اسلوبك رايق .. واصل يا كبير .. ما يحتاج تدور على موهبة هذي هي موهبتك .. عبدالله الدخيل الله

    ردحذف
  3. آآآآآممم ..

    ياالله الثالث كلها زينه ..

    مقال جميل عبدالرحمن ..

    صحيح أن بعض الأحلام لا تكون رائعه الا في الأحلام

    لكن هذا لا يمنعنا من تجربتها ..

    والبحث عن أحلام أخرى ..بل أحلام أكثر ..

    هكذا هو الشخص الطموح له أكثر من حلم يود تحقيقه ..

    نعم مثل حالك تماما

    تحلم بأشياء لم تحدث قط وتقول : لما لا ؟

    انت
    صوت جميل - قلم رائع - لاعب ممتاز


    وأبدعت .



    ..سلطآن السلطآن *

    ردحذف
  4. كتاباتك رائعه=)

    ردحذف
  5. ياربااه كم انت تتتقن الكتابه

    ردحذف
  6. " كنتْ اغضبْ في صغري في المرحله المتوسطه تحديدا لان كل واحده من زميلاتي بالفصل لديها موهبه , وكنت اردد كثيرا ( أنآ لا أملك موهبه ) وأ حزنْ

    بعد سنهْ بدأت بآكتشاف مواهبيْ ومازلت اكتشفْ
    ( تصميم , تصوير , رسم , كتابه , ... الخ + ذائقه رائعه في كل المجالات ) ولله الحمد

    وهذا اختصرته كلهْ بقولك " وُلِدت في أعماقنا رزمة مواهب متشعبه "


    لافضْ فوك .


    ( دونت تعليقْ و ( علّق معاي ) ولا اعلم هل وصلْ ام لا فـ أعدته باختصار فعذرا ان ثقّلت )




    سَجى

    ردحذف