السبت، 14 مايو 2011

لا تصرخ، الكُل نائم

اليوم: الأحد
التاريخ: 12 / 6 / 32هـ
الساعة: 00 : 9 ص



















إلى العالم أجمع، إلى تلك الكُرَة التي اختلفوا فيها العلماء الفلكيّين، منهم من قال أنها مكوّرة الشكل والآخر يقول أنها بيضاويه.
صرختُ ذات ليلة حتى اشتكت حبالي الصوتيه واستأذنَت للراحه، بدأت أبكي، حتى ابتلّت وسادتي فتوقفت!.
نهضت من على السرير واتجهت نحو " المرايا "، شاهدتُ حالَ شخصٍ يرثى لها، وكأنه سئمَ الحياة.
اعتقدتُ بأنّ هناك من يسمعني، اعتقدتّ أن هناك من يهتم لأمري، هناك هناك.. سألقي نظرة، أوه كلّهم نائمون.




بالأمس قرأتُ مقالاً بجريدة الوطن للكاتب " عبدالله المغلوث " أَودّ حقاً أن تشاركوني قصة نجاح. هي قصة نجاح كغيرها، لكننا لا نكل ولا نمل من القصص. فمنذُ الصغر لا ننام إلاّ بعد سماع قصة " الذئب والخراف " أو ذلك الشخص الذي يكذب على الناس حول خرافه وأن الذئب قد انقضّ عليهم، وكانوا يصدقونه في كل مرة، لكن في المرة الثالثة كان صادقاً حينما طلبَ منهم " النّجده "، وبطبيعة الحال لم ولن يصدقوه، فقد كان في كل مرة يكذب فيها عليهم.. يتركون أعمالهم و " يجرون " وراءه بُغية مساعدته، لكنهم سرعان ما اكتشفوا بأنه " كذاب " وأنه " ما ينعطى وجه ". جميعنا نعرف الهدف من تلكَ القصة، وهي: الناس لا تثق بمن يكذب، فما بالكم إذا كان الكبار يكذبون، مربوا الأجيال يكذبون، مسؤولوا دوَل يكذبون.... في رأيي هم من يحتاج إلى سماع تلك القصة كل ليلة قبل النوم، لكن خوفي أن يناموا قبلَ النهاية ( ويضيع الهدف منها ) !.



إلى محور حديثي أعود: وُلد محمد أفضل خان (53 عاما) في مدينة جيلوم في باكستان، لأسرة مسلمة فقيرة معدمة. نشأ وسط الجوع والعطش. منظر جسده النحيل وقفصه الصدري الذي يكاد يمزق جلده محاولا الهروب منه كان مصدرا لشفقة أقاربه وكل من يراه أو يسمع عن حالته. تبناه عمه المقيم في بريطانيا تعاطفا مع ظروف والده الصعبة. حمله معه إلى المملكة المتحدة قبل أن يكمل 11 عاما. كانت شهور محمد الأولى عصيبة جدا بعيدا عن أهله ومحيطه. فعندما توفر الغذاء غابت شهيته. تعرض لصدمة نفسية كبيرة إزاء فقده لوالديه. وعدم استطاعته التحدث بالإنجليزية والتواصل مع أبناء عمه الذين لا يجيدون لغة سواها.
بعد أن كان محمد مسجونا في منزله بباكستان إثر الجوع والفقر المدقع، صار محبوسا في بريطانيا بسبب حاجز اللغة وفقده لوالديه. تجاوز محمد حالته النفسية الصعبة بعد شهور طويلة. دخل المدرسة. لكنه تعثر غير مرة بسبب اللغة وانطوائه. قرر عمه وسط إلحاحه أن يدعه يعمل عندما بلغ الـ16 من عمره في مصنع للقطن. أظهر محمد كفاءة عالية. تدرج في المصنع وحصد إعجاب رؤسائه. لكنه سأل نفسه ذات يوم وهو يهم بالخروج من المصنع: إلى متى سأظل هنا؟ هل تركت وطني وأهلي لأكون عاملا بسيطا في مصنع؟ كان هذا السؤال دعوة لإيقاظ أحلامه النائمة. عاد لمقاعد الدراسة من جديد من خلال الدوام المسائي. انتقل من مصنع القطن إلى آخر لتعبئة البطاريات حتى يتناسب أكثر مع ظروفه الجديدة. ترك مصنع البطاريات وتحول إلى سائق حافلة عامة. كان يصغي خلال قيادته للحافلة إلى أحاديث الطلاب ونقاشهم حول المحاضرات والاختبارات. حول الأساتذة والمناهج. شعر من خلال حديثهم بأنه ليس أقل منهم وعيا وإدراكا. وأن بوسعه أن يكون أحدهم يوما ما. فور أن أنهى دراسته العامة تقدم للحصول على قبول في القانون في جامعة مانشستر. لكنه لم يقبل. كانت تنقصه بعض الدرجات المطلوبة في بعض المواد ليتمكن من الالتحاق بهذا التخصص. انكب على دراسة مواد مكثفة في الكتابة والبحث والتاريخ. تجاوزها بصعوبة بالغة. لكنه تجاوزها. حصل على قبول غير مشروط. انضم على إثره للجامعة بدوام جزئي. عمل خلال تلك الفترة كشرطي، مما ساعده أكثر في تحصيله العلمي وتنمية وعيه الأمني والقانوني معا. نال لاحقا درجة البكالوريوس في القانون ثم استقال من الشرطة. تفرغ للمحاماة بعد أن تدرب في أكثر من مكتب مرموق في بريطانيا. لمع اسمه في عالم المحاماة بسرعة. تخصص في قضايا اللاجئين والأقليات والمشردين الذي كان أحدهم يوما من الأيام. لم تنته أحلام محمد إلى هنا، بل للتو بدأت. ترشح للعمل مستشارا في مجلس المدينة وبعد فترة قصيرة انتخب نائبا لعمدة مانشستر. وفي عام 2004 عندما قرر أن ينتخب نفسه عمدة للمدينة التي يقطنها أكثر من نحو مليونين وستمئة ألف نسمة، اقترح عليه أحد أصدقائه المقربين عدم المحاولة. لكن محمد حاول وفاز بفارق 3 أصوات عن منافسه اللدود. وصار محمد أول مسلم وآسيوي يصبح عمدة لمدينة بريطانية منذ 700 سنة.

شكراً جزيلاً أ. عبدالله المغلوث، أنتَ حقاً رائع، ومقالاتك رائعه، و" محمد أفضل خان " كان أفضل عنوان لأفضل قصة نجاح .


في الفصول والقاعات، في المدارس والجامعات، لا نزال نشكي من تلكَ الوريقات التي نُكلّف بها " لمذاكرتها " استعداداً لامتحانٍ شهري ( وأنا منهم ).
لهذا السبب حينما نصرخ نحن أولئك المتذمرون، لا يسمعنا من هم في صف " محمد خان " .
في هذه الحياة، أنتَ لا تملك خياراً، لأنّك أنت خَيار تلكَ الحياة. الحياة تركض، أمسك بها، ثم انطلق معها .

الحياة تصرخ: أتحداااك
أصرخ في وجهها، دعها تحتاجك فأنتَ لستَ في حاجتها.
أنظر فوقك، هناك نقطة لا يمكنك رؤيتها، اقترب حتى تراها، لأنّك حين تراها، ستصل إليها .
وتأكد أنك حينَ تسأل " كيف أبدا ؟ " فتلك هي البداية .

هناك 9 تعليقات:

  1. الله يابقنة بس كعادتي وطبعي اللي احبه الصورة وش دخلها بالموضوع ..!! p:

    ردحذف
  2. ترااي اقصد صورة اسمك يعني لا اسمك ولا ووجهك ..!!
    وش تحس فيه بس العرق دسااس واناا اخووك
    لوووووووووول

    ردحذف
  3. سبحان الله ل5
    جايه بكتب التعليق وأول شي في بالي الصوره
    كنت بقول ولازت .. ان الصوره في محلها
    بس تفاجأت بالرد اللي قبلي خخخخ


    أنا الان برفع رأسي لأمسك بالنقطه وأصل اليها
    المشكله من زمان رآفعه رآسي بس مابعد وصلتها ل10


    " تأكد أنك حينَ تسأل " كيف أبدا ؟ " فتلك هي البداية "

    كيب قوينق

    ردحذف
  4. تعجبني كتاباتك .. والمواضيع الي تختارها ..

    بعد ما اخلص من قرائتها أحس بهمه ونشاط وان مافي شي مستحيل

    وحنا نقدر وحنا لها ..


    عجبني ياعبد الرحمن ..
    قريتها مرتين .. بدايتها تشد واسلوبك حلو .

    وكالعاده كل مره تبهرنا ,,

    ماشاء الله عليك

    و يعطيك العافيه ,,

    ردحذف
  5. صاحب اول رد اللي كنّي عرفته، ومها عبدالله ومها عبدالعزيز: شاكر لكم تواجدكم وتعليقكم ومتابعتكم لمدونتي، عساكم ما تنقطعون، وردودكم تسعدني جدا

    ردحذف
  6. *لم اعرف للإبداع مكان غير مدونتك
    كتبت فأبدعت فأمتعت
    كتابات اكثر من رائعه ومهما كتبت من كلمات لمدحك لن تصف جمال ماتكتب
    لكن لن اقول الا كلمه ...........................................ابدعت

    ردحذف
  7. مبدع وكفى
    ѕнσѕнσ

    ردحذف
  8. لديك قدره عجيبه في بث روح التفاءل اعجبتني كتاباتك كثير انت اكثر من مبدع ماشاء الله .. بالتوفيق وللامام

    ردحذف
  9. روعه مشاء الله حتي اخوك فراس يكتب

    ردحذف